فؤاد ابو رجيلة

00201008968989

التدخين يؤثر على المناطق التي تفرز الدوبامين في المخ

Leave a Comment

لتدخين له تأثير على المخ مماثل للكوكايين
لتدخين له تأثير على المخ مماثل للكوكايين

  الادمان آفة تهدد مئات الملايين من الناس في شتى أنحاء العالم فما السر أو التأثر الذي يمكن أن يحدثه  كأس من الخمر أو نفس من السيجارة أو شمه من الكوكايين أو الهيروين  أو  سيجارة من البانجو أو حقنة من الماكس أو قرص مما  يطلقون  عليه أو صليبه أو الفراولة أو الزومبة أو  الصراصير ؟


     إذا نظرنا  الى الأشياء المشتركة في كل هذه المواد  بغض النظر عن أن بعضها  محرم وبعضها مجرم  وبعضها مسموح بتداوله مثل التبغ والتدخين فسوف نجد  ان هذه المواد بينها شيء  مشترك ألا وهو إنها تطلق  تريليونات من الجزئيات التي  تغير من كيمياء  المخ وتؤثر على الموصلات العصبية الهامة اللازمة من أجل  أن يظل الانسان في حالة سلوكية ومزاجية مستقرة  وذلك بمجرد دخولها الى الدم وكل هذه المواد تتسبب في إيقاف  إفراز تلك الموصلات العصبية الهامة من مخازنها  داخل الجسم اعتمادا  على ما أخذ المدمن من الخارج مثل  الدوبامين والاندروفينات وغيرها 



     والحقيقة ان هناك أبحاثا  كثيرة تتهم هذه المادة  المسماة " بالدوبامين" بأنها السبب الرئيس الذي يشعر من خلاله المدمن بالانبساط والسرور والرضا حين يتناول  جرعة المخدر  وذلك من خلال عملها على " مراكز الرضا "Reward  Pathways  بالمخ وهي  التي تسبب حالة الاعتماد الكلي  التي تؤدي الى الادمان في كل  الأمثلة التي سبق ذكرها 

     وتشترك كل هذه المواد في أنها ترفع نسبة " الدوبامين" في مناطق معينة بالمخ من خلال أساليب مختلفة وقد يتعجب البعض أن إدمان  الشيكولاته  والقمار والجنس يرجعه  العلماء أيضا لزيادة  نسبة  " الدوبامين " في المخ  الذي يخلق نوعا من الادمان والإحساس بالذة والسرور والنشوة 

 والكثيرين منا لا يعرفون أن التدخين يؤثر على المناطق التي تفرز الدوبامين في المخ بنفس الكيفية التي  يؤثر بها عليها الكوكايين الا أن  تأثير الكوكايين أسرع وأكثر حدة 

     وكما أن  مادة السيروتونين في المخ مقترنة  بمشاعر الحزن  والاكتئاب حتى أن معظم مضادات  الاكتئاب تعمل على هذه المادة  من  الموصلات العصبية فإننا نجد  مادة  " الدوبامين"  في المخ مقترنة بأحاسيس السرور  والانطلاق  والفرح والرضا 

     وقد لا يعلم الكثيرون أن هذه المادة ترتفع نسبة إفرازها في المخ  أيضا من خلال قبلة حانية أو حضن دافئ  أو كلمة مدح وتشجيع  ويوضح ذلك أن أهمية  ودور حنان  الأهل  ومساندتهم للمدمن لكي  يقلع عن إدمانه  وعندما يتوقف هذا المدمن عن التعاطي فانه يعاني من اختلال  حاد وربما  بعض إعراض المرضية  التي يطلق عليها  أعراض الانسحاب  وتختلف من مادة الى أخرى وهو ما  يجعل هذا المدمن في حاجة الى  العلاج والأشراف الطبي حتى لا  يصاب بضرر بالغ قد يؤثر على  حياته 

     ومع تقدم العلوم الحديثة  واكتشاف خبايا  كثيرة عن كيفية عمل العقل وكيمياء  المخ وما يحتويه  من موصلات عصبية ومناعية  والتكنولوجيا  الحديثة التي مكنتنا  من تصوير المخ وهو يفكر ويتألم  ويكتئب  ويدمن وغير ذلك من الحالات النفسية المختلفة من خلال  جهاز PET  فليس بغريب أن نجد المحاولات  العديدة التي تحاول  التصدي للإدمان  وعلاجه من خلال  وسائل  مختلفة بحيث تساعد المريض  على اجتياز فترة الانسحاب

والأعراض دون حدوث ضرر بالغ وتساعد المخ على استعادة إفراز المواد والموصلات العصبية الهامة  لكي يعود المدمن الى المزاج والسلوك الطبيعي دون الحاجة الى تعاطي  المخدر مرة أخرى

     وعلى الرغم من وجود الكثير من الوسائل الطبية التي تساعد المدمن  على الشفاء من إدمانه ألا أنه ليس هناك حتى الآن دواء  محدد يجعل المدمن يقلع  عن إدمانه ولعل ذلك ما  جعل فريقا من العلماء  بقيادة الدكتور/ دونالد لاندري  في كلية الطب بجامعة كولومبيا  يحاول الوصول  الى وسيلة لتحفيز الجهاز المناعي لكي يفرز أجساما مضادة للمادة التي تسبب  الادمان كالكوكايين  مثلا  بحيث تهاجمها وتكسرها بمجرد دخولها الى الدم  وقبل أن تصل الى المخ  وتحدث ما يمكن أن تحدثه من تأثير على خلايا المخ  والموصلات العصبية مثل الدوبامين 

     وكل مدمن لم يبدأ مدمنا أبدا ولكنه دخل من باب التجربة أو التقليد أو التباهي ظنا منه أنه من القوة والتحكم بما يجعله يتوقف  وقتما يشاء وهذا هو المدخل  الشيطاني  الدائم للإنسان بمساعدة  النفس الأمارة بالسوء فلا يمكن ان  يتخيل الطفل البالغ من العمر عشر  سنوات أنه سوف يصبح مدمنا  وسوف تحل به كل هذه الكوارث  الناتجة وهو يمسك بأول  سيجارة لكي يقلد والده أو تقليد والدتها أو أحد نجوم السينما  أو غيرهم أو ليثبت لأصدقاء السوء أنه أصبح رجلا ناضجا 


     ولذلك نجد بلاغة القرآن الكريم حين يتحدث عن المحارم التي يجب ان ينتهي  الانسان عن فعلها ويزيلها  بقوله تعالى" تلك حدود الله فلا تقربوها "  وحين يتحدث عن الأشياء التي تؤدي الى الادمان فانه يقول " إنما الخمر  والميسر والأنصاب والازلام رجس من عمل  الشيطان  فاجتنبوه  " أي ليس بكاف ألا تفعله ولكن يجب أن تبتعد عن كل ما بقربك  منه لأن النفس الأمارة بالسوء قد تجد في هذا مدخلا أو نقطة ضعف لديك تسلمك  بعدها الى سلطان الادمان حيث تتولى المادة المسببة للإدمان قيادتك بعد ذلك دون الحاجة الى النفس  الأمارة بالسوء أو الى الشيطان 

     ولكن هل يعد الادمان نوعا من الخبائث ؟ والإجابة عن هذا السؤال في قوله تعالى " يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث " هذه هي الرسالة  التي بعث بها الرسول صلى الله عليه وسلم ومن قبله كل الرسل  ليحل كل  ما هو طيب بأمر ربه ويحرم كل ما هو خبيث  وكل ما يؤدي الى هلاك  الانسان وبلاء  جسده وصحته انما يعد من الخبائث  لان فيه جورا على حق الجسد الذي قال عنه  صلى الله عليه وسلم " لبدنك عليك حق"

 ولان الخالق عز وجل خلق الانسان في أحسن تقويم حين قال " لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم " ولأنه  سبحانه وتعالى هو صانع  الصنعة فانه وضع لنا قوانين  الصيانة الإلهية في : افعل ولا تفعل  لكي تظل صنعته الإلهية في أحسن  صورة كما ينبغي  لها أن تبقي  وحين  ذكر المولى عز وجل المحرمات لم  يذكر لنا بالضرورة السبب في تحريمها  ولكنه وضع  لنا إطارا عاما وأسسا لتحديد كل ما يمكن أن يستجد في حياتنا ان كان  حراما أم حلالا ، من خلال  مبادئ  عامة فقال عز وجل من قائل : " ولا تلقوا  بأيديكم  الى التهلكة " وقال أيضا " ولا تقتلوا أنفسكم  ان الله كان بكم رحيما " 

     وهناك المبدأ الديني المعروف الذي نحكم من  خلاله على أي شيء من منطلق " لا ضرر ولا ضرار "  أذن فكل ما يؤدي الى الأضرار بالجسم البشري والعقل  الذي ميز به الله الانسان عن سائر مخلوقاته  وجعله خليفته  في الأرض إنما يعد من الخبائث وبالتالي من المحرمات 

    وأعتقد أن حجر الزاوية  في الأيمان هو استخدام العقل الذي يمكن من خلاله  أن تصل الى قمة الأيمان ثم الإرادة التي تجعلك تتغلب على نفسك  الأمارة بالسوء لكي تحول ما أنت مقتنع به من فكر الى عمل  وسوف نجد هذا جليا واضحا في كل آيات القرآن التي تتحدث عن الأيمان  وتقرنه دائما بالعمل " الذين آمنوا وعملوا الصالحات " فالاقتناع وحده  لا يكفي  والنيات الحسنة لا يكون لها قيمة ان لم يصاحبها  عمل كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم " لو أحسنوا النية لأحسنوا العمل"



0 التعليقات:

إرسال تعليق